مِن بينِ خمائِل الورد لوّح لها ، فانتفض فؤادها وهبّ من سُباتِه ...!
...اقترب قليلا ، فازداد اضطرابها ، وسرت في الجسد رعشة لَم تتبين كُنهَها !
أَهو الخوف ؟ أم الحبّ !

قطف وردة واقترب، ففزع قلبُها وأوْجس حيرة :
أيبتسِمُ الحظّ بعد طول عُبوس ؟
أتصفو الأيام بعد كلّ ذلك الكدر ؟
أتُطوى ليالي الوِحدة الكئيبة ويُلقى بها في غياهِب الزَّمن ؟!
و لِم لا ..؟!
فالله رزّاق كريم ، رحمنٌ رحيم ..!

لم يكن ذَلك الرّجل الوسيم يشكو وحدة ، فهو زوجٌ وأبٌ لثلاثة أبناء ، إلاّ أنّه مُهمَل !
اقترب أكثر وأكثر ، وعند نقطة الالتقاء ، مدّ يدهُ فارِغة إلا من وردة ، فلم تُطاوِعها يدها ،
واستحلفتْه ـ بحياء ـ ألاّ يفض الخاتم إلا بِحقه ..!
قبض يده واستدار ، فانقبض فؤادها وشُعاع من أَمل كاد أن يُنير درب أمانيها .

مرت الأيام عادية لا جديد فيها ، إلى أن عاد ثانية و بِيده ورقة و قلمٌ ..!
لم يطلب الكثير ، كان مُجرد توقيع ، لكنّها خافَت فامتنعت ، فضجّت الأصواتُ من حولها ،
كانت الأصواتُ مألوفة ، فذاك صوت صديقتها ، وهذا صوت قريبتها ، وذاك الذي يأتي من بعيد صوت جارَتها :

ـ ماذا تنتظرين ... ؟!
ـ رحل الوالدين وتزوج الإخوة ، فعلى من تُعوّلين ؟
ـ إنّه زواج شرعي وإن كان مُسماه زواجا عُرفيّا ..
ـ الفُرصة لا تأتي إلا مرّة واحدة ، وصدق الشّاعرُ حين قال : إذا هبّت رِياحُك فاغتنمْها !

طأطأت رأسها باسْتسلام ، ومشت نحوه بانكسار ، مدّت يدها فاحتضنتها يده ، وغرقا في بحر من أوهام .


2

أوراقُ التقويم تتساقط ببطء و ثقل ، لم يكن قد سقط منها سوى خمسة عشر ورقة عندما تلقت مُكالمة دولية من قريبتِها وصديقتها العزيزة ( بشرى ) ...
ـ كم أنا سعيدة ـ يا صديقتي ـ !
ـ خيرا إن شاء الله ؟
ـ أخي ( عبد الوهّاب ) قرر ـ أخيرا ـ أن يُكمل نصف دينه ويتزوّج .
ـ ما شاء الله .. أدام الله سعادتك ، ورزقه الزّوجة الصّالحَة .
ـ اللهم آمين .. دُون مُقدّمَات ـ يا غالية ـ أرجو من الله أن يجمع بينكِ وبين أخي في خير ،
فنعم المرأة أنتِ .. فما قولكِ ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خبَا صوتُ اللسَان ، وعلا نحيبُ القلب...