عندما يفقد الورد رائحته


الثلاثاء 22/6/2010
كما يلفّ الصدأ ما لا نرعى من مقتنيات، هكذا تكون حال اصداراتنا عندما تأتينا ملفوفة بالاجترار والرتابة بعيدا عن روح الابداع. يستيقظ في ذهني هذا الكلام عندما اتصفح صحفنا واصداراتنا بهدف اشباع ادمان الجلوس في محراب الكلمة المكتوبة... كم ارغب ان تنتقل عدوى هذا الادمان الصحي لابناء شعبنا لنؤكد للعالم اننا فعلا ابناء "أمة إقرأ!
في حديثي عن الصدأ لا اريد تثبيط عزائم اهل القلم من كتّاب وكاتبات، لكنني ارغب في تذكيرهم بان العقل ينطلق بسرعة تفوق سرعة القلم.. في هذه الحالة تصبح الكتابة عملية اطلاق نار على اهداف طائرة تستهدف اسقاط طائر التفكير اللامع كالبرق.. هذا العقل هو اعظم هدية وهبها الخالق للانسان.. طائر التفكير ليس صيدا سهلا.. ما الكاتب الا من فئة قناصي طيور التفكير.. في مداد ريشته يرسم طيور فكر لها اجنحة تحلق بنا لاكتشاف ما لم يكتشف بعد.. اما اذا كانت هذه الطيور غير مجنحة، فكيف نستطيع الوصول بها ومعها الى مواقع الابداع وروائع الابتكار؟!
اذا تعذرت على الكاتب مهارة تسديد الطلقات على طيور التفكير يصبح قناصا ذا سهام هائمة خاوية، ويراعا لا يقوى على الابداع.. صيد الافكار ليس سهلا في غياب الصائد الماهر.
عندما نهرول نحو الاجترار لا نقدم وفاء للماضي.. اجلال الماضي يأتينا عندما نصوغ مستقبلا افضل منه. الابداع حالة خلق ينسج خيوطها ويحيكها كتاب وكاتبات يتنافسون على جودة اعمال فيها الطريف والجديد.. بهذه الاعمال نشبع اذهان وقلوب القراء.. ننعش هممهم ونعينهم على التشبث بالجميل والنفور والاعراض عن دميم الكلام.
مجافاة روح العصر في كتاباتنا تعيدنا لاجترار الماضي البعيد وتتركنا نلوك ما لاكه الآخرون من روائع لمع بريقها يوم خرجت من رحم مبدعيها. ليس من الاصالة ان نعيد بعث ونسخ الروائع والورود التي ابدعها وانبتها الاسلاف والاجداد.
يقول المثل الاسباني: الوردة التي يشمها الكثيرون تفقد رائحتها.