إن الله تعالى أراد من المهر أن يكون هدية رمزية يقدمها الرجل إلى زوجته كعربون لمحبته ووفائه وإخلاصه، فبعد أن كان الزواج من أيسر الأمور عند المسلمين أصبح من أصعبها وأكثرها مشقة وعذابًالكل المسلمين، وفي أيامنا هذه تحول الزواج إلى تجارة مربحة و إلى سلعة غالية والرجل إلى صيد ثمين، فيطالب الاباء بأسعار خيالية مقابل تزويج بناتهم ويحققون الفخر والعزة لهن أمام أقاربهن وأصدقائهن على حد سواء، وما هذه المفاهيم الخاطئة إلا مظهر من مظاهر الجهل والتخلف الذي يسيطر على عقولنا ويتحكم بها، أو ربما تكون هذه المفاهيم الخطيرة نتيجة حتمية وردة فعل طبيعية عند أولياء الأمور حيث إن كثيرًا من أولياء الأمور يظنون أن قيمة وكرامتها مرتبطان إلى حد كبير بالمهر قبل الزواج وإذا غالوا بمهور بناتهم فإن في ذلك حماية لهن من غدر الرجال وظلمهم وطغيانهم، فهم يعتقدون أن المهر الغالي هو أهم عقبة في وجه من يريد أن يرمي زوجته بالطلاق متى أراد ذلك، فهم يعتبرون أن التي يكون مهرها زهيدًا، إنما تفقد قيمتها أمام زوجها وأصدقائها وأقربائها، فبقدر ما يكون المهر غاليًا فاحشًا بقدر ما تكون هذه في أعين الناس غالية والعكس صحيح أيضًا، ولو فرضنا جدلاً أن المهر يحمي من الطلاق فهل يحميها من تعدد الزوجات وهل يحميها من الخيانة، هل يحميها من الهجر، هل يحميها من العذاب الذي قد يصيبها زوجها به.


إن مشكلة غلاء المهور من المشاكل التي يواجها شبابنا في أيامنا الحالية …. فرغبة الشاب بالزواج تتوقف بمجرد سماع الشروط التي يمليها عليه أهل العروس أو العروس نفسها …
المهر حق للزوجة وواجب على الزوج سداده … لتكن نظرتنا واقعيه لما نعيشه من ظروف وخاصه في الوطن العربي …
لنقف وقفة تمعن ونسأل أنفسنا هل من الممكن لشاب أن يحصل على راتب يمكنه من القيام بتنفيذ جميع المتطلبات والشروط المرسومة من قبل الفتاة أو العقل المدبر لها ( العائلة ) ؟؟؟… عجبي من تلك الفتيات و العائلات!!! ..التي تطالب الزوج المسكين باقامة حفلة زاخرة مزخرفة, صاخبة تعلوها أصوات(الديجي) ناهيك عن المكان الذي تقام به الحفلة والذي قد يصل ايجاره الي ٌ 200 دولار وما فوق .. اضافة الى ما سينفق بشأن المأكولات والمشروبات وغيرها من الاْمور، اضافة الى متطلبات العروس من حاجة الذهاب الى الصالون وعمل فستان الحفلة وشراء بعض الحاجيات الجديدة وووو…لما هذه المظاهر الكاذبة وهي في الاْساس مجرد مظاهر وقشور…
وعندما يتقدم الشاب للزواج يأمل بالاستقرار في ظل أسرة وزوجة وأطفال … لا بهدف لشيء آخر … فلماذا نصعبها عليه ؟؟ والشباب الواعي المتزن الخلوق سيبادر دائما بخطبة من هي تناسبه دون الالتفات الى الاْمور الاْخرى.. في نفس الوقت نجد أن نسبة الفتيات بدون زواج تتراوح مابين 40 الى 60 بلمئة .. لذلك يجب على الأباء والأمهات الانتباه اليها وعدم خلق حواجز وتسهيل عملية الزواج…
وتبقى مشكلة الشباب هي نتيجة الاْفكار العقيمة السقيمة بشأن الغلاء في المهور … فتجلس البنت تندب حظها وليت الذي كان لم يكن وهل ينفع الندم بعدها ؟؟ وماذا يمكنني أن أقول لعائلة .. لم ترضى الا بمهر لا تدركة العقول ولا الاْبصار ؟؟؟ ها هي الكارثة تحط على رؤوسنا لتتفاقم في مجتمعنا فتبذر لنا بذرة المرض النفسي الذي قد يسببه لنا عدم زواج الفتاة وشعورها بالنقص وأن لا أحد يرغب بالزواج منها ….
ان المشاعر الحقيقية لاتشترى بالمال لأن استمرار الحياة الزوجية هو بالحب والتفاهم و لا تشعر بقيمتها الحقيقية، إلا إذا تزوجت بزوج يخاف الله ويعمل لآخرته، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصينا فيقول: إذا جاءكم من ترضون دنيه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير’ رواه الترمذي، إن هذا الزوج هو الكنز الحقيقي الذي يجب أن يبحث عنه الآباء لبناتهم، أما كنوز الدنيا كلها، فلا تساوي شيئًا، إذا كانت حياة جحيمًا لا يطاق، إن على أولياء الأمور أن يعلموا أن البركة أهم من المال والمهر، وأن المظاهر الفارغة والتافهة لا قيمة لها، وأن هذه البركة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الزواج سهلاً ومسؤولياته قليلة، وهذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: إن من يمن تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها [رواه أحمد].وقوله صلى الله عليه وسلم: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.